قصة يعقوب عليه السلام
ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز قصص الأنبياء والصّالحين حتّى تكون عبرةً لأولي الألباب تُستفاد منها الدّروس، وتتفتح بسببها المدارك والعقول، وتكون مواساة للقلوب التي تتعرّض للمحن والابتلاءات.
من بين القصص القرآنيّة العظيمة قصّة نبيّ الله يوسف مع أبيه يعقوب عليهما السّلام، فقد اشتملت على كثيرٍ من الدّروس والعبر في الصّبر عند الشّدّة، واليقين الذي لا يهتزّ بالله تعالى ووعده، والحكمة التي هي عنوان النّجاح في الحياة، فما هي قصّة سيّدنا يعقوب في سورة يوسف ؟ وما هي الدّروس المستفادة من شخصيّته العظيمة ؟
قصّة يعقوب عليه السلام
نشأ سيّدنا يعقوب عليه السّلام في بيت النّبوة وشرب من ينابيع الوحي والحكمة ما أهّله لأن يسير على درب من سبقه، فوالده هو نبيّ الله إسحق عليه السّلام، وجدّه هو إبراهيم عليه السّلام.
لقد كان يعقوب نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل وكان له اثنا عشر ولداً، منهم سيّدنا يوسف عليه السّلام الذي أحبّه حباً شديداً تملّك قلبه، ولم يستطع سيّدنا يعقوب إخفاء هذه المحبّة لولده يوسف لذلك أضمر أخوته الشّرّ ليوسف وكادوا له حتّى جعلوه في غيابت الجبّ بعيداً عن أهله ووطنه.
بعد ذلك حصل ما حصل من تمكين الله لنبيّ الله يوسف في الأرض حينما أصبح مسؤولًا عن خزائن مصر وأقرب النّاس إلى ملك مصر، ولقد أتى يوسف بعد ذلك بأبيه وإخوته من بيت المقدس فتحقّقت رؤياه التي رآها حينما خرّ له أبواه وإخوته ساجدين.
دروس مستفادة من شخصيّة يعقوب
يستفاد من شخصية يعقوب عليه السّلام كثيرٌ من الدّروس نذكر منها :
- محبة الأبناء والخوف عليهم، فسيّدنا يعقوب عليه السّلام أحبّ يوسف وميّزه عن إخوته في الميل القلبي لمّا توّسم فيه صفات النّبوّة والخير على إخوته، لذلك ظلّ قلبه معلّقاً به حتّى في لحظات بعده عنه، فكان يذكره في كلّ حينٍ ويبكي عليه بكاء الثّكلى حتّى ابيضت عيناه من الحزن ففقد البصر.
- اليقين بوعد الله تعالى، فسيّدنا يعقوب عليه السّلام لم ييأس ولم يستسلم لخبر فقدان ابنه يوسف، بل علم يقيناً أنّه سوف يراه ويلتقيه مجدّداً لذلك ظلّ يحثّ أبناءه على تحسّس خبر يوسف وأخيه بنيامين لإيمانه بوعد الله تعالى.
- الحكمة التي تتجلّى في مواقف كثيرة، فسيّدنا يعقوب أمر ابنه يوسف بأن لا يخبر إخوته برؤياه حتّى لا يكيدوا له، كما أدرك يقيناً أنّ ما فعله أبناؤه بيوسف ما هو إلا كيدٌ ومكرٌ برغم القميص الذي جاؤوا عليه بدمٍ كذب، وفي موقف آخر تجلّت حكمة يعقوب عليه السّلام حينما أمر أبناءه بالدّخول إلى مصر من أبواب متفرّقة لإيمانه بحقيقة الحسد والعين.