ان شانئك هو الابتر !!
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ( 1 ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( 2 ) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ( 3 ) .
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، من النهر الذي يقال له ( الكوثر ) ومن الحوض .
طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.
ولما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.
ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [ في ] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.
( إِنَّ شَانِئَكَ ) أي: مبغضك وذامك ومنتقصك ( هُوَ الأبْتَرُ )
أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر.
وأما محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع صلى الله عليه وسلم.
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم.
قال ابن عباس: نزلت في العاص وذلك أنه رأى رسول الله ﷺ يخرج من المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جلوس فما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تحدث قال: ذاك الأبتر يعني النبي صلوات الله وسلامه عليه وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله بن رسول الله r وكان من خديجة وكانوا يسمون من ليس له ابن أبتر فأنزل الله تعالى هذه السورة.
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل أخبرنا محمد بن يعقوب أخبرنا أحمد بن عبد الجبار أخبرنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال: حدثني يزيد بن رومان قال: كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله ﷺ قال:
دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه فأنزل الله تعالى في ذلك (إِنّا أَعطَيناكَ الكَوثَرَ) إلى آخر السورة.
وقال عطاء عن ابن عباس: كان العاص بن وائل يمر بمحمد ﷺ ويقول: إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال فأنزل الله تعالى (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبتَرُ) من خير الدنيا والآخرة.