ashraf Admin
المساهمات : 3848 تاريخ التسجيل : 03/10/2017
| موضوع: 8 / 2 / 1434 - عظمة الله وقدرته - السديس السبت ديسمبر 23, 2017 8:27 pm | |
| عظمة الله وقدرته ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "عظمة الله وقدرته"، والتي تحدَّث فيها عن عظمة الله وجلاله وقُدرته وجبَروته، ووجوب معرفته والعلمِ به؛ فبِه النجاةُ والفلاحُ من الفتنِ والمُدلهِمَّات، وحذَّرَ من دعاوَى الدَّجَل والشعوذَة وادِّعاء علمِ الغيبِ، وما ينتشرُ في الوسائل المُختلفة عن نهايةِ العالَم وزوالِه في وقتٍ مُعيَّنٍ، وحضَّ على ضرورة تبصير المُسلمين بهذه المعاني.
الخطبة الأولى إن الحمد لله تقدَّس ذاتًا وصفاتٍ وجمالاً، وعزَّ عظمةً وعلوًّا وجلالاً، وتعالى مجدًا ورفعةً وكمالاً، أحمده - سبحانه - برَى الخلائقَ فلا نقصَ يعرُوها ولا اعتِلالاً. لك الحمدُ حمدًا طيبًا ومُبارَكًا لك الحمدُ مولانا عليك المُعوَّلُ لك الحمدُ أعلى الحمد والشكرِ والثَّنا أعزُّ وأزكَى ما يكونُ وأفضلُ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعنُو لها القلوبُ خضوعًا وامتِثالاً، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ من عظَّمَ اللهَ أقوالاً وفِعالاً، صلَّى الله عليه وعلى آله الأُلَى دامَ فيهم الفضلُ هطَّالاً، وصحبِه الذائِدين عن الإسلام كُماةً أبطالاً، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ ما تعاقبَ النيِّرانِ وتوَالَى، وسلَّم تسليمًا مُبارَكًا سَلسالاً. أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله -، واعلَموا أن التقوى نورُ القلوب إلى خشيةِ الله ومِشكاتُها، وسبيلُ محبَّته ومَرقاتُها، وبُرهانُ رهبتِه ودَلالاتُها، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18]. وفي التُّقَى عِبَرٌ تُشفَى القلوبُ بها كالغيثِ يُنضِرُ عن وسمِيِّه الزَّهَرُ إن التُّقَى خيرُ زادٍ أنت حامِلُهُ والبرُّ أفضلُ شيءٍ نالَه بشرُ أيها المسلمون: في عصرٍ طوَّقَت الإنسانَ فيه فتنُ الماديَّات والنظريَّات، واختلَجَتْه عِلَلُ الأفكار والشُّبُهات، وأمحَلَت رُوحَه أنساقُ التِّقانات والملذَّات، تتبدَّى قضيَّةٌ بلْجاءُ كفَلَق الصباح، تبعثُ في النفوس النورَ والانشِراحَ، قضيَّةٌ ربَّانيَّةٌ بديعة، لشَدَّ ما هي عظيمةٌ رفيعةٌ. تلكم - يا رعاكم الله - هي: عظمةُ الله وآياتُه، وقردتُه وصفاتُه، التي نرشُفُ منها حلاوةَ الإيمان، وبردَ الاطمِئنان، وبها تُدرِكُ أرواحُنا مثوبَةَ الرحمن: جناتٍ وأنهارًا، وفي الدنيا أًُنسًا به واستِبشارًا، مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا [نوح: 13، 14]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ما لكم لا ترَونَ عظمةَ الله - سبحانه -". وقال سعيدُ بن جُبيرٍ - رحمه الله -: "ما لكم لا تُعظِّمون اللهَ حقَّ تعظيمه". إنها عظمةُ الرحمن، التي عطَفَنا إليها القرآن فائتلَفَت سنًا سطَّاعًا بالهُدى والإيمان، والنور والإيقان؛ فسبحانه سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].
تباركَ فهو اللهُ جل جلالُه جوادٌ كريمٌ كاملٌ لا يُمثَّلُ تجِلُّ عن الأوصافِ عِزَّةُ ذاتِهِ أعزُّ من الأوصافِ أعلى وأكملُ إخوة الإيمان: إن عظمةَ الله في جلاله وجماله وقيَّوميَّته وكماله هي التي أعتقَت الإنسانَ من جهله وغرُوره، وحطَّمَت أرسانَ طيشِه وشُروره، وسمَت به إلى أفلاك الحق ونوره، كيف وهو الحق، وقولُه الحق، ووعدُه الحق، وهو النورُ، وقولُه النور؟ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35]. هو الجليلُ على الحقيقة كيف لا وجمالُ سائر هذه الأكوانِ من بعضِ آثار الجميلِ فربُّها أولَى وأجدرُ عند ذي العِرفانِ معاشر المسلمين: وهذا الكونُ المُشرِقُ بآيات العظمَة والاعتِبار، المُضمَّخُ بزخَّار الدلائلِ والآثار، ليُؤصِّلُ عظمةَ الله في القلوبِ والحَنايا، ويُقيمُ بواهِرَها في الأفئِدَة والطَّوايا، إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران: 190]. ما أعظمَ الكون ما أبهَى تناسُقَه فإنه آيةٌ من صُنع مُقتدِرِ فعظِّمُوا اللهَ ربَّ العرش من سجَدَت له الخلائِقُ من جنٍّ ومن بشَرِ وها هي الفلسَفاتُ التحليليَّة، والنظراتُ الماديَّة، والمناهجُ الجدليَّة الإلحاديَّة ذاتُ المتاهات والتُّرهَّات، قد أذعَنَ جلاوِزَتُها لجلال الله وعظمته وآبُوا بعد أن جحَدوا واسترَابوا، أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: 83]. أمة العقيدة والتوحيد: ومع البراهين القواطِع، والحُجَج السواطِع على تفرُّد الباري - جل جلاله - بالخلق والتدبير، والحكمةِ والتقدير، فلا مُؤثِّرَ في الكائِنات والخلائِق سِواه، ولا رادَّ لما أرادَه وأمضاه، ولا معبودَ بحقٍّ سِواه، إلا أن فِئامًا اعتقَدوا في الأشخاصِ والأيامِ والأحوالِ والشهورِ، فصرَفَتْهم عن قضاء الأوطارِ والأمورِ! وما درَوا أن التوحيدَ الخالصَ لله وحده لا شريك له هو جوهرُ الحياة والدين، قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162، 163]. وهو المنهلُ العذبُ لكلِّ مُرتوٍ وصادٍّ، ومن صدَفَ عنه نُعِتَ بالصادِّ، وضلَّ وما لَهُ من هادٍ. فربَّاهُ ربَّاهُ! أين عظمةُ الله وقُدرتُه لدى السَّحَرة والمُشعوذِين والدجَّالين والمُنجِّمين، ومن الذين انجَفَلوا إليهم من الدَّهماء، فارتكَسُوا جميعًا من شامخِ اليقين إلى حَضيض الضلالِ المُهين، وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر: 67]. ما عظَّمُوه حقَّ عظمته، ولا وصَفُوه بجليلِ الصفات، ولا نفَوا عنه ما لا يليقُ به من المُحدَثات، أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل: 63]. أيها المؤمنون: ما أكثرَ القوم العَمين عن قُوَّة ربِّ العالمين وقهرِه وجبَرُوته وكِبريائِه في ملَكُوته؛ من الذين يسُومون إخوانَنا في فلسطين وسُوريا وأراكان الطُّغيانَ والدمارَ، والقهرَ والاستِكبارَ، ووايْمُ الله ثم وايْمُ الله! ما مآلُ الظلَمة والطُّغاة إلا التَّبارُ والخَسارُ. وها هي - بحمد الله - بشائرُ مصارِعِهم الوَبيلَة وشيكةٌ لائِحةٌ، وإنه لعُرَّةٌ وعارٌ على العالمِ الإنسانيِّ الحضاريِّ الذي رادَ الفضاءَ والكواكِبَ، وأرسَى فيه دقيقَ المراكِبِ، أن يُدكَّ شعبٌ بريءٌ على مسمَعه ومرآه، ويتثاءَب ممن أبادَه وردَّاه. فاللهُ المُستعان. وعلى غِرارِ ذلك؛ أين القلوبُ المُترعَةُ بخوف الديَّان؟! أين النفوسُ المُمرِعةُ بخشية الرحمن؟! ممن زعزعَ أمنَ الأوطان، وخضَّ خِلالَها بالفوضَى والإرعاب، والعُنف والتخويف والإرهاب، مُستحِلاًّ دماءَ المُسلمين، والمُعاهَدين الآمِنين. أمة الإسلام: إن الصدقَ مع الله، والأُنسَ بقُربِه لن يتوطَّدَ ولن يتأكَّدَ إلا باستِشعارِنا لعظمتِه وجلالِه في وِجدانِنا وحواسِّنا وأركانِنا، وخلجَاتنا وجَنانِنا، وأنه الله عالمُ الظواهِر والسرائر، والحسناتِ والجرائر، فننزجِرُ عن الإثمِ والمُخالفَة، ونهجُرُ الأوضارَ والمُجازَفَة. كم من فِئامٍ غفَلوا عن صمديَّة الله ومجدِه، واستدبَروا فضلَه ورِفدَه، ورقَّت منهم القِيَمَ والدِّيانَة، فخانُوا الأمانة، وأضاعُوا الواجِبات، وبدَّدوا المسؤوليَّات. وأقوامٌ تعاطَوا المُسكِرات والمُخدِّات، ففتَكُوا بالأنفُس فتْكًا، وهتَكُوا الحُرُمات هَتْكًا، ذاهِلين عن قُدرة الله وعظَمته وبَطشِه، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران: 28]. لأجل ذلك؛ كانت معرفةُ الله تُورِثُ محبَّتَه ومهابتَه، وخشيتَه ومُراقبَتَه، فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175]. قال أبو سليمان الدَّارانيُّ - رحمه الله -: "أصلُ كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة: الخوفُ من الله، وكلُّ قلبٍ ليس فيه خوفٌ من الله فهو قلبٌ خرِبٌ".
أمة الخير والفضيلة: أين جلالُ الله وعظمتُه، وقُدسيَّتُه وقُدرتُه من الذين أضرَموا لهيبَ الفضائيَّات الماجِنة الخَليعَة، ومواقِع الشبكات الإباحيَّة الشَّنِيعة التي تُدمدِمُ من المُجتمعات سامِقَ بُنيانِها، ومن الأُسَر راسِخَ أركانِها، وتبُتُّ من الفضيلةِ متينَ أرسانِها؛ بل عفَّرَت في الرِّغامِ الأعراض، وطمَسَت الحياءَ والغيرةَ والامتِعاض، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور: 19]. نعوذُ بالله من تبلُّد المشاعِر وجُمودِها، وذُواءِ الأحاسيسِ وهُمُودِها، إزاءَ عظمَة الواحِد الخالقِ المنَّان، العظيم الخبيرِ الديَّان، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد: 19]. معاشر الأحِبَّة: ومُنتهى التعرُّف إلى عظمَة الله - عز وجل - أن يكون المُسلمُ أسيرَ جلالِ الله وجمالِه، مُؤمِنًا خاشِعًا مُتبتِّلاً له خاضِعًا، قد أزهَرَت روحُه بأنداء الحبِّ ونسائِمِ الرِّضا، وذلك هو الخضوعُ والوِجدانيُّ التامُّ لقُدرة الملكِ العلاَّم. لو مزَجنا نهارَنا بدُجانا في صلاةٍ وألسُنٍ ذاكراتِ ما أبنَّا عن همسةٍ من معانٍ في حنايا نفوسِنا ماكِناتِ أو أتَينا لذرَّةٍ من جلالٍ أو شكَرنا آلاءَك الغامِراتِ وبعد، إخوة الإيمان: فإن تبصيرَ المسلمين بعظمةِ الخالقِ القاهِرة، وشريعتِه المُحكَمة الباهِرة، وإرشادَهم إلى النَّهْلِ من نَميرِ آياته الكونية والشرعيَّة التي تجمعُ بين جلالِ العالَمَيْن: عالمِ الغيبِ والشهادة، وحجزَهم عما أُركِسُوا فيه من الازدِواجيَّة والضدِّيَّة، حقيقٌ - بإذن الله - أن تُبوِّئَهم تلك القداساتُ الربَّانيَّة والمعاني الكوثريَّة علاءات الرشاد والصلاح، والحياة الطيبة والفلاح، وتُستطابَ للمُجتمعات الحياة، ويُحقِّقُوا أسمَى الأُمنيات، ويكونَ التعايُشُ بينهم أسمَى وأبقَى وأرسَخَ وأرقَى. وإن عظمةَ الله - سبحانه - لسبيلٌ لتلك المعارِج، ونعمتِ السبيلُ والمعارِج، وما ذلك على الله بعزيز. أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من كافَّة الذنوب والخطيئات؛ فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه كان برًّا رحيمًا.
الخطبة الثانية الحمد لله ذي العزَّة والملَكوت، له الأسماءُ الحُسنى وجليلُ النُّعوت، أحمده - سبحانه - لا يعزُبُ عنه شيءٌ ولا يفُوت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً هي للرُّوح غذاءٌ وقُوت، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صَلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه أزكَى من مجَّد الباريَ في الجهرِ والقُنوت، وعلى آله الطاهرين أزكَى البيوت، وصحبِه ذوي الإخلاص في النُّطق والسُّكوت، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله وعظِّمُوه، واخشَوا جلالَه وكمالَه وراقِبُوه؛ تصلُحْ أحوالُكم في دُنياكم وأُخراكم. أيها المسلمون: وإن تعظيمَ الله - جل جلاله - وقدرَه حقَّ قدره في ذاتِه وآياتِه وأسمائِه وصفاتِه هو صِمام الأمان من الفِتَن، وسبيلُ الخلاصِ من المِحَن، ولا ريبَ أن ما تنامَى في هذا العصر من بوادِر الإلحاد، وطُفيليَّات الجُحود والعِناد، والخوضِ في المُغيَّباتِ ونهايةِ العالَم، قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65]، وموجات التشكيكِ في دين الله - عز وجل -، والنَّيلِ من ذاتِه العليَّة، ورسالاتِه السماويَّة، وسُوءِ الأدبِ في الحديثِ عن جلالِ الله - عز وجل - ومقامات الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، والتطاوُل على مكانة خاتَمهم وأفضلِهم محمدٍ - عليه الصلاة والسلام -، وما تُذكِيه وسئلُ الإعلام في ذلك، وتعُجُّ به أجهزةُ التواصُل الاجتماعيّ. كلُّ ذلك من عدم تعظيمِ الله - جل جلاله - وقدرِه حقَّ قدرِه، وخُطورة الأمر وفَداحَته على عقيدة الأمةِ وقيَمِها وثوابِتِها؛ فإن الواجبَ المُسارعةُ في الوقوفِ ضدَّ تنامِي هذه الظاهِرة المَقيتة، وسنُّ القرارات الشرعيَّة والدوليَّة الرَّادِعة لها، حتى لا يتجرَّأَ المُتهوِّرُون على انتِقاصِ الأُصول والثوابِت، والاستِخفافِ بالمبادئِ والقِيَم. وإن تعجَبُوا - يا رعاكم الله -، فعجبٌ تبجُّحُهم بالحرية الشخصيَّة، والحقوق الإنسانيَّة، وما علِموا أن الحريةَ الحقَّةَ هي الانضِباطُ والاتِّزانُ والمسؤوليَّةُ، لا التسيُّبُ والانفِلاتُ والتمرُّدُ على القِيَم والمُحكَمات والمُسلَّمات، في امتدادٍ رهيبٍ لفُسطاطِ المُخالفاتِ، ورُواقِ المُحدثَاتِ. ولا شكَّ أن مسؤوليَّةَ الحُكومات والعلماء ووسائل الإعلام عظيمةٌ في صدِّ وسائل استِنباتِه، والوقوفِ أمام ذرائِعه ومُذكِياته؛ حمايةً للدين والمُقدَّسات، وحِفاظًا على أمنِ واستِقرارِ المُجتمعات. ذلك وأن تُطبَع نفوسُ الشباب والجِيل على تعظيمِ المولَى الجليل، في سِيَرهم الحياتيَّة والعمليَّة، والله وليُّ كلِّ نعمةٍ وفاتِحُها، ورازِقُها ومانِحُها. أنت أهلُ الثَّناءِ والمجدِ فامنُنْ بجميلٍ من الثَّناءِ المُواتِي حُبُّنا وامتِداحُنا ليس إلا منَّةٌ منك يا عظيمَ الهِباتِ هذا، وامتثِلوا - رحمكم الله - أمرَ ربِّكم الذي أثابَكم به أجرًا عظيمًا، وشرفًا عميمًا، فقال تعالى قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
فمن يُصلِّ على المُختارِ واحِدةً عليه عشرًا يُصلِّ اللهُ فافتَخِرِ يا ربِّ صلِّ عليه كلَّما لمَعَتْ كواكِبٌ في ظلامِ الليل والسَّحَرِ وآلهِ وجميعِ الصَّحْبِ قاطِبةً الحائزِين بفضلٍ أحسنَ السِّيَرِ اللهم صلِّ وسلِّم على سيد الأولين والآخرين، ورحمةِ الله للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الأئمة المهديين، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك وكرمِك يا أكرمَ الأكرَمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائرَ بلاد المُسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم أيِّده بتأيِيدك، اللهم وفِّقه بتوفيقِك، اللهم ارزُقه البِطانةَ الصالحةَ التي تدُلُّه على الخير وتُعينُه عليه. اللهم لك الحمدُ كلُّه، علانيَتُه وسِرُّه، ولك الشكرُ كلُّه، دِقُّه وجِلُّه، على ما منَنتَ به على إمامِنا ووليِّ أمرنا خادمِ الحرمين الشريفين وأنعمتَ عليه بالصحة والعافِية، وحُلَل السلامة الضافِية، اللهم فأدِم عليه النِّعَمَ الدِّرَار، والمِنَنَ والمَسارَّ، في صحَّةٍ تامَّةٍ، وعافيةٍ سابِغةٍ، وسلامةٍ دائِمةٍ في إيمانٍ وتقوى يا ذا الجلال والإكرام. اللهم وفِّقه ووليَّ عهده وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه صلاحُ العباد والبلاد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد. اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّينَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، وارحَم موتانا وموتَى المُسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كُن لإخواننا المُضطَهدين في دينهم في كل مكانٍ، اللهم انصُرهم في فلسطين، اللهم انصُرهم في سوريا وأراكان، اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينهم في كل مكانٍ، اللهم عجِّل بنصرِهم يا قويُّ يا عزيز، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، واحفَظ أعراضَهم ودينَهم وديارَهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أحسِن عزاءَ الأمة الإسلاميَّة في فقيدِها فقيدِ العلم والحرَم الإمامِ العلَم: معالي الشيخ محمد بن عبد الله السُّبيِّل - رحمه الله -، اللهم اغفِر له وارحَمه، وعافِه واعفُ عنه، وأكرِم نُزُلَه، ووسِّع مُدخلَه، واغسِلْه بالماء والثَّلْج والبَرَد، ونقِّه من الذنوبِ والخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَس، وجازِهِ بالحسناتِ إحسانًا، وبالسيِّئاتِ عفوًا وغُفرانًا، اللهم أمطِر على قبرِه شآبيبَ الرحمة والرِّضوان، والعفو والغفران، وأعلِ منزلتَه في عِلِّيِّين، وارفَع درجتَه في المهديِّين، واخلُفْه في عقِبِه في الغابِرين، واحشُرْه ووالدِيْنا ووُلاتِنا وعلمائِنا والمُسلمين أجمعين مع النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالِحين، وحسُن أولئك رفيقًا. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِث قلوبَنا بالإيمان واليقين، وبلادَنا بالخيراتِ والأمطارِ والغيثِ العَميم، اللهم لك الحمدُ كما منَنتَ علينا بنعمةِ الغيثِ، اللهم فزِدنا منه، اللهم فزِدنا منه، اللهم فزِدنا منه، واجعَله سُقيا رحمةٍ، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ. اللهم إنا نستغفِرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِلِ السماءَ علينا مِدرارًا. ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتُب علينا إنك أنت التوَّابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالدينا وجميع المُسلمين، الأحياءِ منهم والميِّتين، برحمتك يا أرحم الراحمين. سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين. | |
|