ashraf Admin
المساهمات : 3848 تاريخ التسجيل : 03/10/2017
| موضوع: 14 / 11 / 1434 - الفهم والإدراك - السديس الأحد ديسمبر 24, 2017 11:53 am | |
| الفهم والإدراك ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الفهم والإدراك"، والتي تحدَّث فيها عن الفهم ووجوب الإدراك الصحيح للأمور الشرعية والحياتية، وضرورة الاهتمام بفُهوم الشباب والتنبُّه إلى إدخال المفاهيم الصحيحة دون غيرها، وفي الخطبة الثانية وجَّه العديد من النصائح المهمة إلى الحُجَّاج.
الخطبة الأولى إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفره ونتوبُ إليه، نحمدُه - سبحانه - حمدًا نُوالِيه إعلانًا وإسرارًا، ففضلُه لم يزَل هتَّانًا ومِدرارًا، إلهَنا لك الحمدُ ما مدَّ الضياءُ شِراعَه وما بزَغَت شمسٌ على كل سارِبِ وإنك محمودٌ على كل حالةٍ لكربٍ تُرجَّى أو لنَيلِ الرَّغائِبِ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُحقِّق لنا آمالاً وتحطُّ أوزارًا، وتُنيرُ منا أفهامًا وأفكارًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ من زكَّى البريَّة فجرَى الحقُّ والرُّشدُ أنهارًا، وسمَا بالعقول عن الظُّنون فضاءَت أنوارًا، اللهم فصلِّ وبارِك عليه، وعلى آله الطيبين نفوسًا المُشرِقين آثارًا، وصحبِه الأُلَى كانوا في الحِجَى والإدراك شُموسًا وأقمارًا، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ يرجُو من المنَّان نعيمًا في الجِنان وقرارًا، وسلِّم تسليمًا كثيرًا مُبارَكًا مِعطارًا، مُترادِفًا عشيًّا وإبكارًا. أما بعد، فيا عباد الله: أعظمُ وصيَّةٍ تُنحَلُ للعالمين وتُساق، وتشرئِبُّ لها المُهَجُ والأحداقُ: تقوى الكريم الخلاَّق؛ فتقوى الله - سبحانه - النورُ لمن رجَا في الدُّجُنَّات استِبصارًا، وخيرُ الزاد لمن رامَ في الفتن استِنصارًا. فالزَموها - يا رعاكم الله - تحقُّقًا واستِشعارًا، تنالوا فوزًا واستِبشارًا، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة: 197]. سرَى أهلُ التُّقَى ليلاً وجَدُّوا وفازُوا بالوُصول ولاحَ مجدُ ولم تلحَقْ بهم أو تستعِدُّ ومن لك بالأمانِ وأنت عبدُ؟ أيها المسلمون: في عصرِنا الراهِن الذي احتدَمَت فيه الفهومُ والأقوال، فأومضَت شواهِدَها، وأذكَتها التِّقاناتُ وأنَّقَت موارِدَها، وانحسَرَت المدارِكُ الومَّاضة فخبَت مراشِدُها، في هذا الأوان تلتمِعُ قضيَّةٌ بين الأنظار تستوجِبُ التأصيلَ والتعزيزَ دون إمهالٍ أو إنظار. قضيَّةٌ أيَّدها المنقولُ والمعقولُ، وسمَت لإحرازِها نفوسُ الثِّقات العُدول، وتغيَّتها المُجتمعاتُ في أفرادها كي لا تنهارَ أو تدُول. تلكم - يا رعاكم الله -: "قضيةُ الفهم والإدراك"، والنُّضج العقليِّ الدرَّاك، وهل قامَت الحضاراتُ والأمجاد، والأُمم ذاتُ السُّؤدَد في الحواضِر والبوادِي إلا بقِيمة الفَهمِ والإدراكِ الذي أُنيطَت به الأحكامُ والتشريعات، وتفتَّقَت عنه العبقريَّات، وبه أُزجِيَت الحِكَمُ الأعلاق، وسادَت المُثُل والأخلاق؟
أيها المؤمنون: ولئن أجلْنا النظرَ في واقعِ الفُهوم لدى بعضِ أبناء أمَّتنا الإنسانيَّة لألفَيْناه يُعانِي الضُّمُورَ والاهتِراء، ما أسفرَ عن شُروخٍ نَجلاء، وتصدُّعاتٍ شَوهاء في شامِخ البناء. وما مِعوَلُها إلا الفهمُ المُسطَّحُ المأزوم المُتذمِّرُ الموهوم، المُتشظِّي المذمومُ بل المزعوم إلا مباءَةً لانتِشار الشائِعات والأقاويل، واستِشراء الأكاذِيب والأباطيل، والطَّعن في النيَّات، وثَلْب الذَّوَات، ورَشْق الرُّموز الكِرام من الربَّانيين الأعلام أُولِي الفضائِل المأثورة، والمناقِب الغامِرة المنثورة. هل الفهمُ الإسلاميُّ العميق، الراسِخُ الوثيق في إدراك كُنْه النصوص المُحقَّقة، أو التأصيلات المُصدَّقة أن تتلقَّفَها تأويلاتُ المُتأوِّلين، وآراءُ المُتحيِّرين، وعقولُ المُتخرِّصين المُتهوِّكين ممن تقاصَروا عن مرتَبَة الوعيِ المُبين، والإنصاف المتين. وأصاخُوا لجُشاءَات الشَّبَكات العنكبوتيَّة، ونزيفِ المواقِع التواصُليَّة؛ لينقَلِبوا جرَّاء ضَحَالَة وعيِهم، ونَزَاقَة فهمِهم عن كلِّ حسنةٍ إلى غَميزةٍ تُكافِئُها، ويشفَعوا كلَّ فضيلةٍ بنقيضَةٍ تُعادِلُها؛ لأنه ليس لها شَروى نقيرٍ من أثير الحقائِق، بل هي البواطِنُ الزَّوارِق، ليَريشُوا ويبرُوا ما في كِنانتِهم من سِهام التشفِّي والانتِقاص، مُعتقِدين ألا بُدَّ من ذلك ولا مناص. وقد أصَّل أهلُ الاختِصاص أن كل كلامٍ تُدُبِّرَ وتُؤمِّل استُفيدَ منه على حسَبِ التدبُّر والكلام، وليس كلامُ أهل العلم كسائِرِ كلامِ الناس، وعلى هذا يجرِي القياس، فأين الفُطَناءُ الأكياس؟!
لغةُ الحياةِ وإن فهِمنا لفظَها مشحونةٌ بالصِّدقِ والإيحاءِ لغةٌ وعاها الصادِقون ولم يزَلْ في غفلةٍ عنها ذوو الخُيَلاءِ بل المنهجُ الربَّانيُّ الحكيمُ الذي يحفَظُ وعيَ المُجتمعات ويُزكِّيها، وفي معارِج الحبِّ والوِداد يُبقِّيها ويُرقِّيها، قولُه - جلَّ وعزَّ -: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12]. وتغليبُ حُسن الظنِّ بالمُسلمين؛ لقولِه - سبحانه -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12]. والتأكيدُ على جمع الكلمة، وحِفظُ اللُّحمة، ووحدة الصفِّ، والحِرص على حقنِ الدماء، ودرءِ العُنف والفتن الشَّوهاء، وحِفظ اللسان، وتطهير الجَنان من الأحقاد والأدرَان، والتثبُّت من فَهم الأقوال، وفهمِها وحملِها على أحسنِ المحامِل دون تعسُّفٍ أو تحامُل. والإكسيرُ الأعظمُ في ذلك: لُزومُ الصدقِ والإخلاص، والتجرُّد، والإنصاف والعدل، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة: 8]. حتى ترى النفسَ كالأنداءِ طاهرةً تشِفُّ كالنُّورِ كالإرواءِ كالسُّحُبِ ذاكُم لعمرِيَ إهداءٌ لمن جنَحَت منه المطيَّةُ إرقالاً إلى الثَّلَبِ
إخوة الإيمان: إن المُسلم الحقَّ الأريب هو الذي تفيضُ ينابيعُ الفضلِ من سُويداء نفسِه، وتنشأُ أرسالُ الوعي الحَصيف من أركان حِسِّه، فلا يرِدُ من أسَلات اللسان إلا نميرَ الوعي والإفهام، قد تجلَّت شخصيَّتُه في أبدَع مظاهِرها تحريرًا، وفي أرفَع آرائِها المُخلِصَة تصوُّرًا وتذكيرًا، وفي أروَع مواقِفِها بذلاً للحقِّ وتنظيرًا. ولا يمتَحُ إلا صفوَ العُقول والأذهان، ولدُنَ القول الفَيْنان، ورَطيبَ الأقلام عن النُّبَلاء الأعلام، الذين آسَوا أجواءَ الأهواء الفاضِحة، ونهَجوا للأمة طرائِقَ الاعتِدال الواضِحة. ومن ثمَّ فإن صناعةَ الفهم الراشِد لا تتمُّ إلا في مِهادِ الأمل المُدرِك للتحضُّر والرُّقيِّ والإبداع، والتميُّز الأنيق النفَّاع. والإدراك الذي يحملُ نفَحَات الحقِّ في التغيير، ونسائِم الهُدى في التطوير، ويمتشِقُ مشاعِل التُّقضى والإصلاح الفيَّاح سعيًا للفهم الشرعيِّ والحضاريِّ الذي يترقَّى بالأمة المُصعِدة والمُجتمعات المُسعِدة في درجَات الأولويات، وفقهِ المقاصِد والمُوازنات، واعتِبار المآلات، وتفتيقِ الأذهان وتشقيق التصوُّرات، في اعتِزازٍ بالأصالَة الدينيَّة، والثوابِت الشرعيَّة. وبقَدرِ الظَّفَر بأوفَر الأنصِباءِ من الفهم، والاستِواءِ على مُتونِه، وإدراجِه في المناهِج والعُقُول بقدر ما تُطوَى صحائِفُ التقهقُر والتوانِي، وتنتصِرُ المُجتمعاتُ الإسلاميَّةُ المجيدةُ على أزمة الفَهم، ومِحنة قلَّة الإدراك والبَصيرة التي أوبقَت الأممَ في أوهاقِ الانحِراف والتنازُع والجُمُود والتبعيَّة والهُمود، والفُرقَة والتشرذُمِ الكَنُود.
معاشر الأحبَّة: إن يكُن ذلك، ونِعمَّا ذلك، وحقَّق الله ذاك فتُؤصَّلُ أجيالُ الأمة وكواكِب شبابِها على الوعيِ النضَّابِ الفَسِيح، والنَّظَر الثاقِبِ الصَّحيح، والنقد والحِوار اللمَّاح النَّصِيح، المُرتكِز على المصالِح والمفاسِد والترجِيح، حِيال مُتغيِّرات العصرِ ومُستجِدَّاتِه، ووقائِعِه ومُلِمَّاتِه، فيدكُّ المفاهِيمَ السَّحْماء، ويُقوِّمُ التصوُّرات الجرداء، ويُهذِّبُ المبادِئَ المُلتاكَة الضَّلْعاء. نعم، إنه الإدراكُ المُكتنِزُ بالنُّبوغ والعَطاء، والفهم المُنسرِبِ في سَمِّ الأحداث ومُغيَّباتها، والفتن ومُخبَّآتها، وعويصات الأمور ومُحجَّباتها، فيُدرِكُ حقائقَها، ويكشِفُ للأمة دقائِقَا، ويفتحُ - بإذن الله - مغالِقَها، ولكن بملَكَةٍ ذهنيَّةٍ أصيلة، ودُربَةٍ علميَّةٍ طويلةٍ، ومُكنةٍ عقليَّةٍ جليلة، والشِّعارُ في ذلك والدِّثارُ: بالفهمِ بالإيثارِ بالحبِّ الذي عن كلِّ ما هو قُربةٌ لا يعدِلُ واللهُ يعلمُ ما تُكِنُّ صدورُنا ورقيبُنا فيما نقولُ ونفعلُ والمُوفَّقُ - يا عباد الله - من لا يُقابِلُ من عصَى اللهَ فيه بأكثرَ من أن يُطيعَ اللهَ فيه. تلك دعوةُ الحبِّ والوُدِّ والإشفاقِ، والعفوِ والتصافُحِ والتسامُحِ والإرفاق. أما من حادَ عن طريق الهُدى، وسلَك سبيلَ الهوَى، وجانبَ الحقَّ وأصرَّ على الإضرار بالخلق، فتلك هِجِّيرا من سارَ في رِكابِ المُحاولات اليائِسَة في النَّيل من الحقِّ وشُداتِه، وإسقاطِ رُموزِه وهُداتِه. وهذا لا يزيدُ صاحبَ الحقِّ إلا ثباتًا وثقةً وشُموخًا مما يتطلَّبُ من كل من أرادَ النجاةَ أن يلزمَ الجماعةَ، ويحذرَ طريقَ أهل الفتنةِ والإضاعَة. حينئذٍ لا عزاءَ للحاقِدين الحاسِدين، الشارِقين بدُعاء التوحيد والوَحدة والاتِّحاد، وموطِن الأمن والإيمان والإسعاد. وعندئذٍ ستَحمَدُ أمَّتُنا سُراها، وتُحقِّقُ - بإذن الله - غاياتها ومُناها، وستستقِرُّ في أفئِدة الأجيال ومسامِع التأريخ مثلاً شَرُودًا مضروبًا للإدراك المُلهَم الذي يُميِّز بين الزَّبَد والأصيل، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد: 17]. بين الزَّبَد والأصيل، والغُثاء والجليل، والحِسِّ الصادق ذي المنهَل الروِيِّ العذب الدفَّاق، والفِكر الخَصيبِ الغَيداق. ذاك في الله أملُنا ورجاؤُنا، وإليه ابتِهالُنا ودعاؤُنا، وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة: 105]. باركَ الله لي ولكم في السنَّة والقرآن، ونفعَنا بما فيهما من الحِكمة والبَيَان، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّة المُسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه كان للأوَّابين غفورًا.
الخطبة الثانية الحمد لله الملك العلاَّم، القدُّوس السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خصَّ بيتَه الحرام بالتشريف ومزيد الإعظام، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خاتمُ الرُّسُل الكِرام، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه الهُداة الأعلام، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم القِيام. أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله - عز وجل -، وعظِّموا مشاعِره، واحذَروا اقتِرافَ المُحدثَات في شعائِرِه. أمة الإسلام: وبعد هذه الحقائِق المُسلَّمة تتَّجِهُ الأنظار، وتشرئِبُّ الأعناقُ إلى هذه المشاعِر المُعظَّمة في هذه الأيام المعلُومات، والمواطِن المُبارَكات؛ حيث تتوافَدُ جُموعُ الحَجيج العَتيدة على الديَارِ الطاهِرة بما يقتضِي منهم الفهمَ الحَصيف، والإدراكَ الرَّهيف بتوقيرها وأمنِها ونظامها وتقديسِها. فيا حُجَّاج بيت الله الحرام: حلَلتُم أهلاً، ووطِئتُم سهلاً، طِبتُم وطابَ ممشاكُم، تشرُفُ بكم بلادُ الحرمين الشريفين رُعاتُها ورعاياها، وتزدانُ بِكم فِجاجُها وبِطاحُها ورُباها. مرحبًا بالوُفود جَذلاً وبها المسجدُ الحرامُ يُضاءُ مرحبًا بالقلوبِ تنضَحُ بِشرًا كالمصابِيحِ كلُّها لألاءُ يا معاشر الأحِبَّة: اقدُرُوا لهذا الحرَم المُبارَك أمنَه وقداسَتَه، وعظمتَه ونفاسَتَه، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]. والتزِموا - وفقكم الله - كلَّ فعلٍ حميدٍ بارٍّ، وقولٍ سديدٍ سارٍّ، وتحلَّوا بالقِيَم الإسلاميَّة العالية، والآداب والأخلاق الفاضِلة السامِيَة. احرِصُوا - يا رعاكم الله - على عدمِ الجُلُوسِ في الممرَّاتِ والمسارات، واجتِنابِ التزاحُم في المطافِ والمسعَى وعند الأبواب، مُتحقِّقين بالرِّفق والنظام، واللِّين وأسنَى الآداب؛ فالحجُّ عبادةٌ وسُلُوكٌ شرعيٌّ وحضاريٌّ وجُنَّة، وإنه لدليلُ وعيِكم ومئِنَّة للفوز برِضا الرحمن والجنَّة. مُتحلِّين بالتعاوُن الهادِف البنَّاء مع الجهات المسؤولة والعامِلة في خدمة الحَجيج، ورجال الأمن - وفقهم الله وأعانهم -. إخوة الإيمان: وإننا لنُقدِّرُ للأمة الإسلاميَّة وعيَها وتفهُّمَها وتجاوُبَها الكريم حِيالَ التخفيفِ من نِسَب الحَجيج هذا العام، وتأجيل المجِيءِ إلى المسجِد الحرام إبَّان هذه المشرُوعات العِظام. وما ذلك إلا للمصلَحة الراجِحَة العامَّة، والمنفَعَة المُبارَكة التامَّة من تلك المشاريع التوسُّعيَّة الغرَّاء، والتطويريَّة الفذَّة الشمَّاء، التي يقومُ بها وُلاةُ الأمر الميامين خدمةً للحرمين الشريفين وقاصِدِيهما. ألا جعل الله ذلك في موازين حسناتِهم، وأدامَ توفيقَهم وحِفظَهم، وأجزلَ من المثوبةِ والإنعامِ حظَّهم، إن ربِّي جوادٌ كريمٌ. هذا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على خير من عظَّم البلدَ الحرام، والمشاعِر الكِرام، كما أمرَكم بذلك المولَى القدُّوس السلام في أحكَم الكلام، فقال تعالى قولاً كريمًا بديعَ النِّظام: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا». عليه صلاةٌ بحرُها يتدفَّقُ وأزكَى سلامٍ نورُه يتألَّقُ وآلٍ وأصحابٍ كرامٍ أجِلَّةٍ بين الورَى أزهارُهم تتفتَّقُ اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيِّد الأولين والآخرين، ورحمةِ الله للعالمين: نبيِّنا وحبيبِنا وقُدوتِنا محمدِ بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابتِه الغُرِّ الميامين، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك وكرمِك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً وسائر بلاد المُسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ التي تدُلُّه على الخير وتُعينُه عليه، اللهم وفِّقه ونائِبَيْه وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه صلاحُ البلاد والعباد، واجزِهم خيرَ الجزاء على ما قدَّموا ويُقدِّمون للحرمين الشريفين وقاصِدِيهما يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، ووحِّد صُفوفَهم، واجمَع كلمتَهم على الحقِّ والهُدى يا رب العالمين. اللهم كُن لإخواننا في بلاد الشام، اللهم كُن لإخواننا في بلاد الشام، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم، يا ناصر المُستضعفين، ويا مُنجِي المؤمنين. اللهم كُن لإخواننا في مصر، واجمَع قلوبَهم على كتابِك وسُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، وابسُط أمنَهم وأمانَهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم كُن لإخواننا في فلسطين، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصى من عُدوان المُعتدين، اللهم عليك بالصهايِنة المُعتدين المُحتلِّين فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم فرذِق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، واجعَلهم عِبرةً للمُعتبِرين، وغنيمةً للمُسلمين يا رب العالمين. اللهم كُن لإخواننا في أراكان، وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر للمُسلمين والمُسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِح ذاتَ بينهم، واهدِهم سُبُل السلام، وجنِّبْهم الفواحِش والفتنَ ما ظهر منها وما بطَن. اللهم احفَظ بلادنا عزيزةً بعزِّ الإسلام، آمنةً مُطمئنَّةً يا ذا الجلال والإكرام، وسائر بلاد المُسلمين. اللهم رُدَّ عنَّا كيدَ الكائدين، وحِقد الحاقِدين، وحسَد الحاسِدين، وشماتةَ الشامِتين، وعُدوانَ المُعتَدين يا رب العالمين. اللهم احفظنا من شرِّ الأشرار، وكيد الفُجَّار، وشرِّ طوارِق الليل والنهار. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]. ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالدِينا ووالِديهم وجميع المُسلمين والمُسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات. وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين. | |
|